أولًا: تعريف تعليم مونتيسوري:

مونتيسوري هي طريقة تعليمية تستند على التعلم الذاتي والعملي، يقوم الطفل باتخاذ قرارات إبداعية من تلقاء نفسه بواسطة الموجه (المعلم) الذي يوفر له بيئة مناسبة للتعلم والابتكار، يستكشف الطفل ما حوله بشكل مستقل مما تؤدي إلى زيادة الثقة الشخصية لديه.

ثانيًا: حياة ماريا مونتيسوري:

ماريا مونتيسوري بعد تلقيها التدريب الطبي، عملت على تطوير طريقة تفكيرها وأنماطها التعليمية في عام 1897 ميلاديًا، من خلال متابعة الدورات التدريبية المتعلقة بعلم اصول التدريس في جامعة روما، وأيضًا الاطلاع المستمر في النظريات التعليمية التي تعود لمائتي عام الماضية، وأثناء إحدى زياراتها بروما لاحظت الأسلوب القاسي الذي يتبعه المعلمين والمعلمات اتجاه الاطفال الذين يعانون من إعاقات ذهنية ما دفعها إلى إنشاء صورة حديثة من صور التعليم وذلك في عام 1907 ميلاديًا، حيث قامت بإنشاء ما نستطيع القول عليه اول فصل لها أو دار لتعليم الأطفال بإحدى المباني السكنية ويقع في روما، منذ الفترة الأولى عملت مونتيسوري على اتباع أسلوب التدقيق والملاحظة لسلوك الاطفال وكيفية تعاطيهم مع ما حولهم داخل البيئة المحيطة بهم، كذلك المواد والتعاليم المتوفرة لهم وقامت بتسمية هذا العمل ب “البيداغوجيا العلمية”

وأثناء ذلك وبالتحديد في عام 1901 ميلاديًا، إلتقت “ماريا مونتيسوري” ب “أليس وليوبولدو فراتشيتي” والذي ولد ونشأ في إيطاليا بمدينة سيتا دي كاستيلو، إنسجاما جدًا وحدث تناغم فيما بينهم بعد أن وجدا التوافق في الكثير من الأفكار في نمط عملهما، وتم توجيه دعوة إلى “ماريا مونتيسوري” لحضور الدورة الأولى للمعلمين والمعلمات واقامة “casa dei bambini” ب فيلا مونتيسكا، بعدها فكرت ماريا مونتيسوري في الذهاب الى مدينة صديقها “فراتشيتي” وبالفعل ذهبت ومكثت بها لفترة عامين، قامت فيها بتطوير وتعزيز المنهج الخاص بها تم ذلك بصحبة ورفقة “أليس فراتشيتي”، وخلال تلك الفترة عملت على تأليف كتابها وتم نشره في مدينة سيتا دي كاستيلو وكان يحمل اسم “فراتشيتي مونتيسوري”، وافتها المنية في عام 1911 ميلاديًا وكان عمرها 73 عاما.

انتشر منهج مونتيسوري في كافة ارجاء العالم بما في ذلك جنوب شرق آسيا والهند، حيث تم تدريب ماريا مونتيسوري أثناء الحرب العالمية الثانية.

ثالثًا: طريقة مونتيسوري:

تمتاز طريقة مونتيسوري بالاهتمام على إعداد بيئة (مرتبة، ملفتة ومبهجة، غير معقدة وبعيدة عن الزيف)، ولكل عنصر من تلك العناصر خواصه ودوره في دعم نشأة الطفل وتطوره، يعمل فصل مونتيسوري على المزج بين الأطفال من مختلف الأعمار الذين تم تحصليهم في فترات بداية من عمر ال3 أعوام، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى تحسين النشأة الاجتماعية وتبادل الخبرات والاحترام فيما بينهم بصورة تلقائية.

تعمل تلك البيئة على توفير فرص للانضباط بعمل ملفت للإنتباه وتم اختياره بدون اي إجبار، ما يؤدي إلى زيادة فترات التركيز وحُسن التفاعل معه، الحرية تكون محددة ضمن نطاق واضح وتتطور شيئًا فشيئًا، وهذا يخلق التفاهم وحسن التعامل بين الأطفال وبعضهم داخل مجتمعهم الصغير المتمثل في الفصل الذي يتعلمون فيه.

تم وضع المواد على أساس ثابت وقوي وفق الطرق والوسائل العلمية التي تمدهم بآليات تتيح لهم الفهم والاستنباط الكامل للعالم الذي يعيشون فيه وتعزيز قدراتهم المعرفية الأولية، لقد تم إنشاء تلك المواد لكي تمنح الطفل وسيلة التعرف على الخطأ من تلقاء نفسه دون تدخل من أحد بالإضافة إلى إكساب الطفل مهارة تحمل المسؤولية.

الشخص البالغ هنا يقوم بدور المراقب والدليل للطفل، أي أن وظيفته الأساسية هي العون والمساعدة من خلال تحفيز الطفل لبذل الجهد، مما يضع الطفل في حالة من الاعتماد على الذات، حيث يقوم بالتفكير بشكل منفرد دون الاستعانة بأحد وهذا ينمي داخله الشعور بالثقة في النفس والالتزام الداخلي.

طريقة مونتيسوري تصلح لكافة المراحل التعليمية، أي منذ الولادة وحتى بلوغ عمر ال 18 عام، حيث توفر منهج تعليمي شامل ومتكامل.

رابعًا: بيئة منتسوري:

البيئة من منظور مونتيسوري هي توفير إمكان واسعة ومفتوحة تتلاءم مع حجم وارتفاع الطفل، حيث تحوي بداخلها طاولات ذات ارتفاع منخفض ومقاعد تتباين أحجامها بما يتناسب مع حجم كل طفل، فالبيئة هامة جدًا حيث أنها تمنح الطفل الاعتماد على النفس والاستقلالية الشبه تامة في اكتشاف مهاراته وقدراته، بالإضافة إلى أنها تكسبه الالتزام الداخلي لأنه يمارس النشاط الذي يتلاءم ويتوافق مع حاجته المعرفية.

ويتم تجميع الأطفال في فصول مونتيسوري مع بعضهم البعض في فئات عمرية مختلفة وهي أقل من 3 أعوام، من 3 إلى 6 أعوام، من 6 الى 9 أعوام، ومن 9 الى 13 عام، تعمل تلك التقنية والكيفية (الفصول العمرية المختلفة المشتركة) على تعزيز التعاون المباشر وتبادل الخبرات والاحترام وتنمية الرغبة إلى المعرفة واكتساب المهارات.

1- الطفل:

من وجهة نظر الدكتورة مونتيسوري أنه لابد على كل معلم القيام بملاحظة الطفل ومتابعته، وأنه يجب الاعتراف بالحاجة الملحة إلى التطور ومواكبة التقدم فلكل عصر سماته المتباينة عن باقي العصور، والعمل على الاهتمام ببناء بيئة مناسبة للجسد والروح، لتلبية هذه الاحتياجات والمتطلبات تبرز لنا تنمية الاطفال كضرورة قصوى للتكيف مع بيئته، حيث يحتاج الطفل إلى منحه تعريف واضح للعالم الذي حوله، ودوره به.

ولقد اكتشفت ماريا مونتيسوري أن الطفل يمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ عن طريق 4 فترات تطويرية تُسمى ب”طائرات التنمية” كل فترة تمنح سمات تتباين تباينًا جذريًا عن الفترات الأخرى، ألا ان كل منها تشكل ركيزة أساسية للفترة التي تليها، ولقد أبرزت مونتيسوري في كتابها “العقل الماص” الآتي: (بنفس النهج.. اليرقة والفراشة هما كائنين متباينين في الشكل والفعل، لكن جمال الفراشة يُستمد من حياتها في صورة اليرقات، وليس عن طريق تقليدها لفراشة اخرى؛ لذلك نحن نخدم المستقبل من خلال رعايتنا للحاضر، وكلما كان الاهتمام باحتياجات فترة واحدة بصورة كافية وتامة، سيكون نجاح الفترة التالية افضل واكبر).

2- مواد المونتيسوري الملموسة:

تم انشاء مواد المونتيسوري وفق طرق علمية دقيقة استنادا على التجربة والملاحظة داخل الفصل، مع مراعاة المراحل التطويرية التي يمر بها الاطفال، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون طريقة تطوير المعرفة من خلال الاحتكاك بالاشياء الملموسة.

بواسطة مواد مونتيسوري يستطيع الطفل أن يتحقق ويستكشف بنفسه بصورة مستقلة تماماً، من خلال إتاحة فرص متكررة مما تؤدي إلى رسوخ الأفكار والمعرفة وتعزز التركيز لديه، بالإضافة إلى توافر خاصية عزل الصعوبات أي أن كل مادة من مواد مونتيسوري تعطي متغيرات فريدة وحصرية، معلومة جديدة واحدة فقط معزولة عن باق المفاهيم الأخرى دون الحاجة لإجراء أي تعديل عليها، وتحوي تلك المواد على ما يُعرف ب”التحكم في الخطأ” حيث يستطيع الطفل من خلال أخطاءه أن يفهم المادة بصورة صحيحة ويحسن استخدامها، حينها سيستقر داخله أن الخطأ هو مفتاح التعلم، وهذا سيبني داخل الطفل الشعور بالإيجابية اتجاه المواقف التي تقابله وتنمي داخله مفهوم المسؤولية والثقة بذاته؛ ذلك لأنه  بالفعل مسؤول عن تعليم ذاته.

3- الكبار:

وفق طريقة مونتيسوري المدرس أو المعلم يُسمى ب”الموجه” حيث يقوم بدور التوجيه والإرشاد للطفل نحو مهاراته وقدراته، ويعمل على تهيئة الظروف المحيطة به ليتم العمل بسلاسة ولهدف معين، والوظيفة النهائية للموجه هي التدخل باقل قدر ممكن أمام نمو الطفل وتعزيز معرفته، من خلال إتاحة الفرصة أمام الطفل للتصرف والتفكير مما ينتج عنه بناء وتعزيز الثقة الذاتية وزرع الإلتزام الداخلي، لا يقوم الموجه وفق طريقة مونتيسوري بتقديم جائزة أو فرض عقوبة؛ ذلك لانه من المفترض أن يجد كل طفل ما يشبع رغبته الداخلية ويمنحه السعادة الذاتية النابعة من عمله الشخصي.

خامسًا: منهج مونتيسوري:

1- من الولادة إلى عمر ال 3 أعوام:

قامت الدكتورة مونتيسوري بوضع وصف لهذه الفترة العمرية وهي “أمبيو الروحي spiritual embyo” يقوم فيه الاطفال في الجانب النفسي بما فعلته الأجنة في الجانب البدني، وتحدث تلك العملية بسبب عقل الاطفال الماص، والذي يشمل المعرفة والخبرة والعلاقات واللغة والعواطف والصور والثقافة والمعلومات من خلال استخدام حواسهم وطبيعة معيشتهم الغير معقدة، يقوم الاحتكاك المباشر مع العالم الخارجي المحيط بهم على تهيئة وتكوين ادمغتهم، بالإضافة إلى تكوين الأنسجة و الخلايا العصبية التي تظل معهم طوال فترات حياتهم؛ لذلك يهتم منهج مونتيسوري في فترة الولادة وحتى عمر ال 3 أعوام على تطوير نمط التحدث ومنحهم الإستقلالية في التفكير والتعلم مما يزرع داخلهم الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية.

2- من عمر 3 إلى 6 اعوام:

تم تجزئة منهج التعليم للأطفال من عمر 3: 6 اعوام إلى أربعة أقسام:

أ. الحياة العملية:

وهي عبارة عن أنشطة تسعى الى الاهتمام والرعاية من جانب الأشخاص بالبيئة المحيطة بهم، وتضم الأنشطة عدة وظائف وأعمال معروفة للاطفال ک رعاية النباتات، وتنظيف الطاولة، تعديل وترتيب المكان.. وغيرها من الأنشطة، وهو ما يُسمى بأنشطة “النعمة والمجاملة” والتي تعتبر عنصرًا مهما من عناصر المجتمعات المتحضرة، بواسطة تلك الأنشطة سيتمكن الاطفال من تحقيق التحكم الذاتي في الحركة ومعرفة البيئة المحيطة بهم، وعند إتمام تلك الوظائف بصورة تامة وكاملة سيبدأون في تشكيل إرادتهم والتزامهم الذاتي، وبناء الثقة بالنفس وزيادة القدرات التركيزية.

ب. الحسية:

في تلك الفترة العمرية يتعلم الطفل بواسطه حواسه اكثر من استخدام العقل، المواد الحسية عبارة عن ادوات وآليات لتعزيز حواس الطفل، تختص كل مادة بجانب من الجوانب الحسية: كالحجم، الوزن، الرائحة، النكهة، الملمس، اللون.. وغيرها، في تلك الفترة الاحتكاك المباشر بالمعلومات الحسية سيتمكن الطفل من تعزيز قدراته الذهنية والمعرفية.

جـ. اللغة:

عندما يصل الطفل إلى عمر 3 اعوام، فإنه يستخدم اللغة التي اكتسبها بالفعل من خلال السمع، ويعمل على إثراءها بالإضافة إلى تعلم الكتابة، من خلال تعليم الطفل الفن والموسيقى والتاريخ والجغرافيا سيستطيع أن يكتشف العالم المحيط به وانماء الشعور بالمحبة الى البيئة والمجتمع الذي يعيش فيه.

د. الرياضيات:

من خلال علم الارقام سيستطيع الطفل أن يدرك المفاهيم الأساسية للرياضيات، بواسطة التعامل مع المواد الملموسة التي تصل به إلى المفاهيم المجردة.

3- من عمر 6 إلى 12 عام:

المنهج في هذه الفترة العمرية يهتم بتقديم رؤى تاريخية وتطويرية شاملة لتنمية المعرفة الإنسانية، وتضم 5 دورس رئيسية ويستخلص منها دراسات معينة ومحددة، بهدف إنهاء الخيال والقدرة الإبداعية.

أقسام المنهج والدروس التعليمية:

1- علوم كونية:

(الفيزياء، علم الفلك، الكيمياء، الأرصاد الجوية، الجيولوجيا، الجغرافيا).

2- علوم الطبيعة والبيئة:

(علم الأحياء، علم الحيوان، البيئة، تطور الحياة).

3- علوم إنسانية:

(الثقافة والتاريخ، الدراسات الاجتماعية، الاكتشافات والاختراعات العلمية).

4- الأدب واللغة:

(اللغوبات، القراءة والكتابة، هياكل اللغة والأدب).

5- علوم الأرقام:

(اصل الأرقام، أنظمة الأرقام، الرياضيات، الهندسة).

المصادر والمراجع:

https://en.m.wikipedia.org/wiki/Montessori_education

https://www.fundacionmontessori.org/the-montessori-method.htm

https://montessori-nw.org/what-is-montessori-education

مصدر الصورة: 

https://en.m.wikipedia.org/wiki/Montessori_education

4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *