لقد قذفت المأساة الفلسطينية أبناء الشعب الفلسطيني إلى المجهول، فوجدوا أنفسهم خارج الديار بلا مأوى ولا مال ولا متاع، في غيبة العدل والحق والمصير، فكان من الطبيعي أن نرى المفارقة المحزنة بين تطلع إلى تحقيق العدالة بالعودة إلى الديار حيث الحرية والسعادة والحياة الطبيعية الممتدة في أجيال وأجيال، وبين مجابهة التحدي الخطير المتمثل في واقع قاس، يفتقر إلى أدنى الحاجات الضرورية للعيش الكريم.
لقد كان خيار الفلسطينيين الثلاثة على مختلف أعمارهم ومشكلاتهم وحاجاتهم أن يبحثوا عن الحل في التوجة إلى الخليج، وهو الحل التقليدي أو النمطي لكثير من الفلسطينيين، أن يتوجهوا شرقًا، ومعضلتهم الحقيقية ليست في الهرب والأنسحاب من المواجهة مع حقيقة المشكلة، أي التطلع إلى جذر المشكلة غربًا.
اشتعل الحلم السلبي في نفوسهم وفي عقولهم، وبذلوا في سبيل ذلك ما ملكوا أو استدانوا من مال، وتعرضوا لأشكال الإذلال والمهانة من المهربين وغيرهم، ولم ينقذهم من ورطتهم مواطنهم الفلسطيني قائد الصهريج الفاشل، رمز القيادة الفاشلة،فماتوا مختنقين داخل الصهريج مستسلمين لحرارة تشوي أمخاخ الإبل، لا يبدون حراكًا، فكانت العبارة العبقرية التي أوردها غسان كنفاني على لسان قائد الصهريج شعارًا يمتد في الأجيال، أو صرخة مدوية في آذانهم:
لماذا لم تدقوا جدران الخزّان ” إيذانًا بأن المقاومة هي الحل، وأن الوجهة الحقيقية هي في الغرب باتجاه فلسطين وليس في أي مكان سواها.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.