إعلان حرب على الغول
هذه القصص هي في الواقع تجارب حياتية، تلقفتها الكاتبة مريم سويدان من أفواه أبطالها، وقد أضافت إليها من روحها وبأسلوبها الجذاب ولغتها الراقية الأنيقة التي عرفناها في إنتاجاتها السابقة شعراً ونثراً.
اختارت المؤلفة هذه القصص بهدف إبراز وإخراج قضايا اجتماعية عاشت وتعيش في الظلمة، تنتشلها لتنشُرها وتسلط عليها الضوء كي نراها ونعرفها وندرك أن تجاهلها لا يعني اختفاءها أو تلاشي تأثيرها. فانعكاساتها وإرهاصاتها تعيش بيننا دون أن ينتبه إليها أكثرنا، فهي قصة قد تكون في بيت جارك، أو في بيت قريبك، أو في بيتك. وربما تكون أنت أحد أبطال هذه القصص، ولكنك حاولت طيلة الوقت أن تخفيها في أعماق ذاكرتك وظلماتها. إلا أن هذا الغول الذي يعيش بيننا لا يختفي بل يظهر في تجليات مختلفة.
تنحاز هذه القصص لأولئك الذين تعرضوا لمضايقات “الغول” واعتداءاته التي قد تكون جسدية أو نفسية أو كليهما، لتبقى محفورة في الوعي الباطن، ومنها تتشكل شخصياتنا وتصرفاتنا وفهمنا لما يدور من حولنا، وخصوصاً عندما يهاجمنا الغول في مراحل مبكرة من الحياة.
تكتب “مريم” بعاطفتها لتقول إنّها مع هؤلاء المستضعفين، مع أولئك الذين خاضوا تجارب الألم لوحدهم، وسالت دموعهم بصمت على وسائد الظلام، دون أن يبوحوا بها لأحد. عششت في أرواحهم وجبلت نفوسهم، وكان لها تأثيرها على مجريات حياتهم، وعلى نظرتهم وتعاملهم مع محيطهم.
لغة الكاتبة ملفتة، كما عودتنا في أعمالها السابقة، فهي لا تتنازل عن تلوين اللغة وجعلها ضاجّة بالحياة، وخصوصًا أن اللغة العربية من اختصاصها، والجانب النسوي من أبحاثها الأدبية والشعرية في إيقاع جملها. نجد كل هذا في قصصها الواقعية التي اجتهدت في تحويلها إلى لوحات فنية، صهرتها بعاطفتها الجياشة لتنتج وتقدم لنا هذه المجموعة القصصية الجميلة والهادفة، التي هي بمثابة إعلان حرب على الغول الذي يعيش فينا وبيننا.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.