اختار الكاتب للوليتا شخصيّة من عالم الموضة، عارضة أزياء تتلوّن أسماؤها يتلوّن ألبستها وعطورها، وأمكنتها التي تزورها، من نوّة إلى ملاك، إلى لالو، إلى لوليتا… من فرانكفورت، إلى باريس، إلى جاكرتا، وطوكيو…
مليئة بالحياة، لكنْ لا شيء يمنعها من الإنتحار الذي اختارته لمواجهة جرحها العميق، إلاّ رواية أوقعتها الصدفة بين يديها، للكاتب يونس مارينا، الذي وقعت في غرامه حتى الجنون… كاتب قادته لعبةُ سياسيةٌ غير محسوبة إلى المنافي، هرباً من إغتيال ظلّ يطارده حتى الصفحة الأخيرة.
“أصابع لوليتا” رواية إنسانية بإمتياز، تتطوّر على إيقاع حوافّ الحياة الكبرى: الحبّ والكراهية، الحقّ والظلم، العقل والجنون، البراءة والإجرام…
واسيني الأعرج روائي جزائري، صدرتْ له عن دار الآداب روايات “شرفات بحر الشمال” “اشباح القدس”، “كتاب الأمير”، “طوق الياسمين”، “أنثى السراب”، نال جوائز أدبيّة عديدة، وتُرجمت أعماله إلى الكثير من اللغات… يتنازل الكاتب عن كلّ حقوقه المادّيّة للأطفال المرضى بالسرطان.
نقرأ مقتطف من الرواية: “لوليتا… هل تدرين كيف يتدرّب الإنسان على حبّ قاتله؟… أن يحبّه كلّ يوم أكثر… لو فقط بقيتِ قليلاً… كنت سأغفر لكِ كلّ خطاياك وأمنحك مزيداً من معاصي الجسد… لو فقط لم تنسحبي في عزّ الضوء، كنت استمعت إليكِ بإنتباه أكثر… لو فقط كنتِ هنا، لقلتُ لك، كمْ أحبّك…
رسالتك الأخيرة التي نسيتها على الطاولة قبل إنسحابك الحزين، لم تكن كافية لتزرع بعض النور في قلبي، حرمتني من لذّة الإنتحار، ولكنّها زرعت المرارة في ما تبقّى من قلبي، ومنعتني من نسيانك.
لم يكن الموت ضرورياً لأكتب هذا الألم، وأجد النعوت المناسبة، ولم يكن الألم ضروريّاً لأموت قليلاً، فلا شيء يشبه الحياة: آخر أنفاس الآلهة المتعبة، وآخر قشّة نلتقط بها الضوء، لكي لا تتحوّل الظلمة إلى سلطان يمحو هشاشتنا القلقة وسط ظلّ الموت.
الآن أستطيع أن أكتب أولى جملي المنفلتة من قيد الدهشة والخوف، بعد أن خمدت كلّ تلك الحرائق التي التهمتْ، بلا رحمة، الغيمة الأخيرة التي استمرّت زمناً طويلاً تظلّلني، أستطيع الآن أن أجمّع عدّتي من الأوراق والأقلام، وعصر الفاكهة، وحبر البنفسج، ورائحة الأقمشة، وبشرة النساء الناعمة، ورعشة أوّل حبّ، وهبلك الطفولي، وأقف على حافّة الساحل المهجور الذي خبّأ حيرتي، أسترجع أنينها الخفي، ثم أبدأ السير وحيداً على سطح البحر، وأنا لا أدري إلى أيّ شوق سيقودني هذا الرحيل نحو عاصفة الكتابة، سوى أنّ الموجة اليتيمة التي تكوّنت لحظة دخولي إلى البحر، وانفصلت عن البقيّة وركضت نحوي، ستلمس وحدتي، وستكون ضوئي في ظلمات بحثي عن ظلّ أبيض تماهي مع النور والماء، اسمه لوليتا… لو… لي… تا..
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.