كانت العبارة صغيرة وواضحة: إشارة إلى معروضكم الخاص بنشر كتاب “كومونة باريس” نشعركم بعدم الموافقة! هل تريدون أن أموت جوعاً، أن أتسلل عبر الحدود وأهرب؟ ماذا تريدون مني بالضبط؟… لا عمل، لا جواز سفر… وحتى كتاب أريد أن أطبعه لا توافقون؟… والكتب التي تتراكم مثل التلال، ونتحدث عن الانحرافات الجنسية، وعن عشيقات نابليون… وعن … وعن، كلها يسمح بها وكتاب ترجمة العبد الفقير مصور عبد السلام لا يوافقون عليه، … والله لو مت جوعاً لن أفعل، أصحيح أني غير قادر على المقاومة ولكن لن أصبح كما تريدون!”…
صفحات يحلق القارئ عبرها في أفق عبد الرحمن منيف. ومنصور عبد السلام شخصيته التي تربعت على عرش سيرورته الروائية عند تداعيات أفكار رحلتين في قطارين قطار اجتاز محطات العمر وقطار اجتاز محطات إلى خارج الوطن، عمر ضاق ذرعاً بسنين كفاح ثقال، ووطن ضاقت دهاليز انتماءات نافذيه بمواطن دونما انتماء، ووشوشات وأصوات متداخلة كرفاق الرحلة، ولتداعيات فولوج داخلي سري في كلها نبرات أسى واحتجاج واهتياج وانخداش، وحتى ابتهاج تتصل ذروته بذروة الإنعاش عند انعتاق موهوم من ذاك الذي يقال عنه واقع الحال دون التفات إلى المآل.