زيزفوس، هذا هو اسمي، أو فلنقل واحد من أسمائي. فالمسمّى يتغيّر بحسب المسمّي ولغته. ستتساءلون: أنّى لي أن أعرف هذا وأنا شجرة لم أتحرك من مكاني قطّ مذ كنت بذرة؟ أولا تعلمون أن للأشجار منطقاً، كما للطير وللإنسان؟ وأنّا نخاطب بعضنا البعض كما تفعلون. لو أصغيتم لسمعتم الريح تنقل ما تقوله أغصاننا لأغصانِنا. حتّى جذورنا تنادي في الأرض إلى أن تسمع عرق شجرة قريبة، أو بعيدة، يرد عليها.
لا أذكر زمناًَ لم أكن فيه ها هنا، في هذه البقعة. لكنّي لم أكن وحيدة.فهنا كان بستاناً عامراً. وكنت محاطة بأخريات. بنات النارنج والبرتقال والنخيل. ثم جاء يوم سمعت فيه عويلاً من بعيد. سمعت صراخاً أليماً تبثّه جذور تقتلع وأغصان تكسر. وجاء البشر بآلاتهم تلك. ظننتُ أن مصيري محتوم. اقتلعوا كل أشجار البستان ولكنهم أبقوا عليّ وعلى عدة نخلات. سمعتْ واحدة منها بكائي في المغرب، بعد أن رحل البشر. فهمستْ: لا تخافي يا سدرة، لن يقتلعوا أمثالك. كنتُ صغيرة يومها ولم أكن أفقه الكثير من أمور الشجر أو البشر. سألتها بصوت خافت خائف: ولِمَ؟. فقالت: كتبهم المقدّسة تذكرنا وتذكر أمثالك بخير. يخافون أن يصيبهم مكروه إن هم اقتلعوا سدرة. فكفكفي دموعك يا صغيرة. لم أصدق تلك النخلة العجوز يومها. ظننت أنها خرفة. وظننت أنهم سيعودون في الصباح لذبحي وإطعام أشلائي لتنّور أو كانون. لكن العجوز كانت على حق
رواية فهرس | تأليف: سنان أنطون
₪37.40
رواية فهرس للكاتب : سنان أنطون:
- زيزفوس، هذا هو اسمي، أو فلنقل واحد من أسمائي. فالمسمّى يتغيّر بحسب المسمّي ولغته
- ستتساءلون: أنّى لي أن أعرف هذا وأنا شجرة لم أتحرك من مكاني قطّ مذ كنت بذرة؟
- أولا تعلمون أن للأشجار منطقاً، كما للطير وللإنسان؟ وأنّا نخاطب بعضنا البعض كما تفعلون
- لو أصغيتم لسمعتم الريح تنقل ما تقوله أغصاننا لأغصانِنا
- حتّى جذورنا تنادي في الأرض إلى أن تسمع عرق شجرة قريبة، أو بعيدة، يرد عليها
- لا أذكر زمناًَ لم أكن فيه ها هنا، في هذه البقعة. لكنّي لم أكن وحيدة.فهنا كان بستاناً عامراً
- وكنت محاطة بأخريات. بنات النارنج والبرتقال والنخيل. ثم جاء يوم سمعت فيه عويلاً من بعيد
- سمعت صراخاً أليماً تبثّه جذور تقتلع وأغصان تكسر. وجاء البشر بآلاتهم تلك
- ظننتُ أن مصيري محتوم. اقتلعوا كل أشجار البستان ولكنهم أبقوا عليّ وعلى عدة نخلات
- سمعتْ واحدة منها بكائي في المغرب، بعد أن رحل البشر. فهمستْ: لا تخافي يا سدرة
- لن يقتلعوا أمثالك. كنتُ صغيرة يومها ولم أكن أفقه الكثير من أمور الشجر أو البشر
- سألتها بصوت خافت خائف: ولِمَ؟. فقالت: كتبهم المقدّسة تذكرنا وتذكر أمثالك بخير
- يخافون أن يصيبهم مكروه إن هم اقتلعوا سدرة. فكفكفي دموعك يا صغيرة
- لم أصدق تلك النخلة العجوز يومها. ظننت أنها خرفة
- وظننت أنهم سيعودون في الصباح لذبحي وإطعام أشلائي لتنّور أو كانون
- لكن العجوز كانت على حق
49 متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.