كتاب المراقبة والمعاقبة ولادة السجن | تأليف: ميشال فوكو | ترجمة: د. علي مقلد | صفحة 7 للنشر والتوزيع

69.00

أن تكون العقوبات بصـورة عـامـة والـسـجـن مـن مستلزمات تكنولوجيا الجسد السياسية، هـذا مـا علمني إيـاه ربما الحاضر، أكثر مما علمني إيـاه التاريخ. فخلال هذه السنوات حدثت حركات عصيان في السجون في كل مكان تقريباً في العالم. وتميزت أغراضه، وشعاراته، ومســاره بـشيء مـن المفارقة بالتأكيد. لقـد كـان هـذا الع

صيان تمرداً ضد كل بؤس جسدي كامـل عمـره أكثـر مـن قـرن: عصيان ضد البرد، ضد الاختناق والتكديس، ضـد الجدران الباليـة، ضـد الجوع، وضد الضرب. ولكنه كان تمردات أيضـا ضد السجون النموذجية، وضد المهدئات، وضـد العزلة، وضد الخدمة الطبية أو التربوية. تمردات لم تكن أغراضها إلا ماديـة؟ تمردات متناقصـة ضد السقوط، وأيضـا ضد الرفاهية، ضـد الحـراس ولكـن أيضـا ضـد الأطباء النفسيين؟ الواقع أن كل هـذه التحركات كان موضوعهـا الأجسـاد والأشياء المادية، كـما كـانـت موضوعـا مثـاراً في هـذه الخطابـات التـي لا عـد لهـا والتي أنتجهـا السـجـن منـذ مطلع القرن التاسـع عـشـر. فمـا أثـار هـذه الخطابات وهـذه التمردات، وهـذه الذكريات وهـذه الشتائم، هو بالضبط هذه الصغائر وهذه الماديات التافهة. قد لا يرى فيها البعض إلا مطالـب عمياء، أو أن يُشتم منهـا استراتيجيات أجنبية. ولكنها كانت حقــا ثـورة، على مستوى الأجساد ضـد جـسـد السجن بالذات.
التصنيفات: ,
51
كتاب المراقبة والمعاقبة ولادة السجن | تأليف: ميشال فوكو | ترجمة: د. علي مقلد | صفحة 7 للنشر والتوزيع
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) ليقدم لك تجربة تصفح أفضل. من خلال تصفح هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.