بفضل سراب عرفت كيف تغدو الحواس كمنجات وحاذيت السر الذي يحيل ممارسة الحب تمريناً على فعل الخلق.
ومعها بلغت ضفاف بحيرات لم أتيقن يوماً أنها كانت كامنة في خبايا جسدي.
وبخلاف صمتها الذي يغلب عليها في المجالس فإنها كانت تتدفق كلاماً كالبلابل أثناء الحب، وتستذكر معلقات جاهلية وخطباً تروتسكية وشتيمات لطيفة ومقامات عصملية ومزامير توراتية وأغنيات من الزمن البائد.
هل هو الغرام الذي يأخذ بيد الشهوة ويقودها، خطوة خطوة، إلى تخوم الكفاية؟
أم هي الألفة بيني وبين عراقية من بنات جلدتي، كرادية أفهم إشاراتها وتفهم إشاراتي، توصلني إلى تلك اللذة المصفاة والمصطفاة للممسوسين من البشر، أحباب النخيل والزعفران؟
إنعام كجه جي كاتبة عراقية تقيم في باريس وتعمل في الصحافة، وهي مهنة أتاحت لها أن تخالط أنواعاً من البشر كانوا ذخيرتها وهي تكتب هذه الرواية، إنها تنسل من الواقع خيطاً تشتغل عليه بمغزل الخيال لتنسج بساطاً عراقياً ملوناً تتحرك فوقه شخصيات تحمل كل منها جرحها الخاص وعطشها إلى حياة لا تفسدها السياسة: ساري الذي سافر إلى باريس على نفقة الدولة ليتحول إلى أنثى، وكاشانية الناجية من مذبحة الأرمن لتتزوج كونتاً فرنسياً. وسراب التي تذوقت تعذيب السجون ثم لذائذ الغرام، وصديقان، بعثي وشيوعي، يتنافسان في هجاء حزبيهما. كل ذلك في لغة تسرق القارئ حتى النهاية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.