ليس هذا الكتاب للهجوم على العلم أو العلماء. لكن، إن كنت تتخذ من العلم مصدرًا أوحدًا للمعرفة، أو إذا كنت ترى الممارسة العلمية عملية مقدسة غير قابلة للمساس، فأنت تحتفظ في ذهنك بصورة خاطئة تماما عن العلم، وهدف الكتاب هو تصحيح تلك الصورة.
انتشر تقديس العلم في العقود الأخيرة على نطاق واسع، الأمر الذي يدعو للتقصي والسؤال، هل تلك الصورة الشائعة عن العلم صحيحة؟ أم أنها خرافة شعبية؟ هل العلماء أنفسهم لديهم التصور ذاته عن العلم (كأمر مقدس لا يصيبه الخطأ)؟ أم أن هناك الكثير ممن يعرفون جيدا قدر القصور الذي يعتري ممارسات الجماعة العلمية؟
ينظر المؤلفان في هذا الكتاب للعلم كممارسة بشرية، ويقومان بتحليل طريقة تصرف المجتمع العلمي في القضايا التي يكتشف فيها التزوير، ويطرحان أسئلة مشروعة، لعل من أهمها السؤال عن هل العلم محصن من الداخل ضد أولئك الذين يأتون بقناعاتهم المسبقة الدوجمائية في زي علمي؟ أو بصيغة أخرى، هل المجتمع العلمي قادر على حماية العلم من تسلل العقائد الدوجمائية لعقود طويلة؟ خاصة وإن كانت أدلتها مزورة أو مُحسنة أو مختلقة بالكامل؟
يرى المؤلفان أن وجود الغش والخداع ليس هو المشكلة في الممارسة العلمية، ولكن تعامل المجتمع العلمي معها (والذي يكابر بعضه في الاعتراف، ويرى بعضه أنه محصن من المسائلة) هو المشكلة. فما معنى أن يزور أحد العلماء البيانات لكي يثبت نظريته، ثم يمر الأمر بسلام لعشرات السنوات –أو ربما مئات– دون اكتشاف من مؤيد أو معارض؟! بل وما معنى ألا يتم اكتشاف الأمر إلا بمحض الصدفة؟ وهل يمكن أن يعني ذلك –بأي حال من الأحوال– أن النظام العلمي نظام يصحح نفسه دائما بشكل سريع وحتمي؟
الإجابة على هذا الأسئلة كفيلة بتغيير الصورة الشائعة عن العلم في أذهان الكثير. وبالتالي، التخفيف من المبالغات الكثيرة المنتشرة حول طبيعة العلم. فالعلماء في نهاية الأمر بشر، مثلهم مثل أي جماعة بشرية أخرى، تصيب وتخطئ، فيها الغش والخداع، وفيها أيضا الأمانة والمصداقية. فالأمر ليس أن الجماعة العلمية جماعة غشاشة خداعة، ولكن أن الجماعة العلمية جماعة بشرية، مثلها مثل بقية البشر، وليست ممارستهم للعلم هي التي ستعصمهم من ارتكاب الأخطاء البشرية المعتادة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.