إن كل فلسفة من الفلسفات تكون بمثابة مرآة تعكس ملامح عصرها أو على حد تعبير هيجل فإن الفلسفة هي عصرها ملخصاً في الفكر. وهذا ينطبق تماماً على فلسفة القرن التاسع عشر، وبصفته خاصة على فلسفة نيتشه.
ولد فريدريك نيتشه في (ريكن) وهي مقاطعة بروسية بألمانيا في الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 1844. ولقد آمن نيتشه أن حب الحياة الأرضية والدفاع عن العالم المحسوس ضد العالم الآخر هي القضية المقدسة. وقد استحوذت الأخلاق على كل اهتمام فلسفة نيتشه منذ بداية حياته الفكرية فراح يبحث في قيمة الحياة الإنسانية وكيفية تبريرها على النحو الذي يدفع الإنسان إلى الإقبال عليها والإبداع فيها من أجل إثرائها وتنميتها والعلو بها. وراح يؤكد قيماً جديدة ومختلفة تماماً عن قيمنا التي ألفناها.
وفي هذا الكتاب يتناول المؤلف حياة نيتشه كخلفية لفلسفته كما يعرض لروح القرن التاسع عشر وخصائصه الفكرية وهو القرن الذي تألق نيتشه في نصفه الأخير، إضافة إلى أنه يتناول مؤلفات نيتشه تبياناً لمعنى الفلسفة عنده ومكانة الأخلاق فيها حيث ينتهي إلى أن الفلسفة في رأيه تعبر عن موقف خلقي بإزاء الحياة وتقوم على أساس خلقي أصلاً. كما يعرض لمبادئ التفسير الستة التي يقدمها ياسبرز باعتبارها معايير نقيم بها كل تفسير لفلسفة نيتشه من أجل الوصول إلى التفسير الحقيقي له.
ويتناول المؤلف “نقد دور العقل في الفلسفة التقليدية” حيث يتتبع هجوم نيتشه على العقل منذ أن لاح في أول كتبه “ميلاد التراجيديا” وحتى تجلى في كتابه “أفول الأصنام”.
كما يتتبع المؤلف هجوم نيتشه على ثنائية العالم، ذلك الهجوم الذي بدأه على الفور منذ أن أعلن نيتشه تخليه عن معتقداته الميتافيزيقية التي آمن بها من قبل في المرحلة الأولى من حياته والتي عبر عنها في “ميلاد التراجيديا”. كما يعرض لنظرية نيتشه الجديدة إلى الأخلاق واليت يترتب عليها نتيجتان هامتان: النظر إلى الإنسان باعتباره خالق القيم، وبالتالي نسبية القيم، والنظر إلى القيم الخلقية نظرة محايدة بمعزل عن الخير والشر.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.