يتصور معظم الناس أن العلم عقلاني وموضوعي ويقترب من الحقيقة، فهو عقلاني لأنه يقوم على الملاحظة والتجريب لا على الأساطير والموروثات الشعبية، يقوم على الحس لا على الخيال والانفعال. وموضوعي لأنه لا دخل للتحيزات والأهواء الشخصية والمعتقدات السابقة للباحث في التجريب، فالملاحظة هي الأمر الحاسم في العلم. ويقترب من الحقيقة لأن النظريات الأصدق في تفسير الواقع تحل محل النظريات الأقل صدقا، ومن ثم يتقدم العلم دائما نحو التصوير الأصدق للواقع.
لكن هذا التصور -أو الانطباع على وجه الدقة- غير صحيح. وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ لا يهدف فقط إلى هدم الفلسفة التي تبرر هذا التصور، فالبعض بالفعل قد أدرك سذاجة هذا التصور بعد أي قراءة عابرة لمقالات أو كتب عن فلسفة العلم، وإنما يهدف أيضا إلى نقد كل تفلسف حول العلم من حيث المبدأ، أي تفلسف يحاول تمييز العلم بأي خصلة من الخصال الثلاث (العقلانية والموضوعية والاقتراب من الصدق) عن أي نشاط بشري آخر. وفي المقابل يقدم ملامح لمنهج وصفي، ومن ثم النظر به إلى تلك الفلسفات العلمية، وقبلها النظريات المعرفية التي أسستها، لنصل إلى بعض النتائج نرجوا أن تكون معالجة جديدة لفلسفة العلم.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.