“وداعاً أيتها الحرب، وداعاً أيها السلام” هو عنوان كتاب لمحمود درويش يضم (مقالات) نثرية و(خواطر) كُتبت في العام (1974م) جاءت لتعكس تجسيداً للحظة التاريخية التي مرت بها القضية الفلسطينية في صراعها مع المحتل الإسرائيلي.
القراءة الأولى للنص يوحي بجهدٍ خلاّق واعٍ يقوم على النظم البنائية المحكمة بحيث يشعر المتلقي أنه إزاء مشروع مُعَدَّةٍ أفكاره وأسسه مسبقاً. ففي معرض تقديمه لهذا العمل كتب درويش: “هذا الكتاب .. هوامش حرب تشرين 1973 … كُتبت في مراحل الإنتظار، والإنفجار، والإنتظار العائد، يهديه المؤلف إلى دماء الشهداء والمقاتلين العرب التي رسمت ملامح صورة جديدة للحضور العربي في العالم. وذهبتْ دون أن تسأل عما نفعل بعطاياها العظيمة”. بعد هذا المفتتح النص يضع الكاتب ثلاثة عناوين رئيسة للكتاب أولاً: حصان يحب غزالة، ثانياً: صباح الخير أيها الفرح!، ثالثاً: ماذا فعلت بالخريف .. يا سرحان. ومن هذا العنوان اشتق عنوان الكتاب: “وداعاً أيتها الحرب .. وداعاً أيها السلام” وفيه يتم التركيز على الأماكن المغلقة في العمل الأدبي .. باب واحد لأكثر من زنزانة أو: باب واحد لكل الزنازين”. هكذا يبدأ درويش بوصف المتاهة التي يعيشها “سرحان” داخل زنزانته، ليقول لنا أن السجين والسجّان كلاهما فاقد للحرية “كان الحارس نائماً. وكان حلم سرحان يتجول، حراً، في فضاء الزنزانة”، كما تبرز في النص فلسفة الكاتب حول الحرب والسلام “لماذا ضاع منك السلام. لأني أضعت ىالحرب. السلام لا يولد إلا من نهاية الحرب …”. أما في فضاء النص تبرز غرفة السجن أو “الزنزانة” بوصفها مكاناً نفسياً مهماً ومؤشراً بنائياً على حضور شخصية السجين العمل الأدبي، وهي بهذا الإعتبار تصبح شكلاً من اشكال التجربة الإنسانية – في حال الحرب – وامتداداً لها، ولتكون أيضاً مسرح الحدث الذي سوف تظهر الشخصية البطلة (السجين سرحان) فيه وتؤسس دلالاتها في النص من خلالها. “باب واحد لأكثر من زنزانة. هو: باب الحرية. دوّن الجملة التالية: وداعاً أيتها الحرب! فأحس أنها جملة ناقصة، وقعت منه جملة مرادفة: وداعاً أيها الوطن!”.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.