وليس من الغريب أن يكون العلم في عصرنا قد تجاوز الماديين الفرنسيين في القرن الماضي ، فالمهم أن خصوم هؤلاء الفلاسفة كانوا أناسا متخلفين حتى بالنسبة للعلم في تلك الأيام . صحيح أن مؤرخي الفلسفة عادة ما يعارضون أفكار الماديين الفرنسيين بأفكار كانط الذي يكون من الغريب بالطبع أن نأخذ عليه الافتقار إلى المعرفة . ولكن هذه المعارضة ليس لها ما يبررها ، وليس من الصعب أن نبين أن كلا من كانط والماديين الفرنسيين قد انطلقوا أساساً من وجهة النظر نفسها ولكنهم استخدموها بطرق مختلفة ، ولهذا وصلوا إلى نتائج مختلفة ، وفقاً للخصائص المختلفة للعلاقات الاجتماعية التي عاشوا وفكروا تحت تأثيرها . ونحن نعلم أن الذين اعتادوا أن يصدقوا كل كلمة قالها مؤرخو الفلسفة سيجدون هذا الرأي منطويا على مفارقة . ولا يتسع المجال هنا لإثباته بالبراهين التفصيلية ، ولكننا لا نرفض أن نقوم بذلك إذا طلبه خصومنا .